مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنكُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (54)

ثم قال بعده : { ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون } فبين تعالى أن عند كشف الضر وسلامة الأحوال يفترقون ففريق منهم يبقى على مثل ما كان عليه عند الضر في أن لا يفزع إلا إلى الله تعالى ، وفريق منهم عند ذلك يتغيرون فيشركون بالله غيره ، وهذا جهل وضلال ، لأنه لما شهدت فطرته الأصلية وخلقته الغريزية عند نزول البلاء والضراء والآفات والمخافات أن لا مفزع إلا إلى الواحد ، ولا مستغاث إلا الواحد ، فعند زوال البلاء والضراء وجب أن يبقى على ذلك الاعتقاد ، فأما أنه عند نزول البلاء يقر بأنه لا مستغاث إلا الله تعالى ، وعند زوال البلاء يثبت الأضداد والشركاء ، فهذا جهل عظيم وضلال كامل .

ونظير هذه الآية قوله تعالى : { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } .