مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا } كلا اسم مفرد معرفة يؤكد به مذكران معرفتان ، وكلتا اسم مفرد يؤكد به مؤنثان معرفتان .

وإذا أضيفا إلى المظهر كانا بالألف في الأحوال الثلاثة كقولك جاءني كلا أخويك ، ورأيت كلا أخويك ، ومررت بكلا أخويك . وجاءني كلتا أختيك ، ورأيت كلتا أختيك ، ومررت بكلتا أختيك ، وإذا أضيفا إلى المضمر كانا في الرفع بالألف ، وفي الجر والنصب بالياء وبعضهم يقول مع المضمر بالألف في الأحوال الثلاثة أيضا . وقوله : { أتت أكلها } حمل على اللفظ لأن كلتا لفظه لفظ مفرد ولو قيل أتتا على المعنى لجاز ، وقوله : { ولم تظلم منه شيئا } أي لم تنقص والظلم النقصان ، يقول الرجل : ظلمني حقي أي نقصني . الصفة الخامسة : قوله تعالى : { وفجرنا خلالهما نهرا } أي كان النهر يجري في داخل تلك الجنتين . وفي قراءة يعقوب وفجرنا مخففة وفي قراءة الباقين وفجرنا مشددة والتخفيف هو الأصل لأنه نهر واحد والتشديد على المبالغة لأن النهر يمتد فيكون كأنهار و { خلالهما } أي وسطهما وبينهما . ومنه قوله تعالى : { ولأوضعوا خلالكم } . ومنه يقال خللت القوم أي دخلت بين القوم . الصفة السادسة : قوله تعالى : { وكان له ثمر } قرأ عاصم بفتح الثاء والميم في الموضعين وهو جمع ثمار أو ثمرة ، وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وسكون الميم في الحرفين والباقون بضم الثاء والميم في الحرفين ذكر أهل اللغة : أنه بالضم أنواع الأموال من الذهب والفضة وغيرهما ، وبالفتح حمل الشجر قال قطرب : كان أبو عمرو بن العلاء يقول : الثمر المال والولد ، وأنشد للحارث بن كلدة :

ولقد رأيت معاشرا*** قد أثمروا مالا وولدا

وقال النابغة :

مهلا فداء لك الأقوام كلهم*** ما أثمروه أمن مال ومن ولد