مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَّـٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا} (38)

ثم قال المؤمن : { لكنا هو الله ربي } وفيه بحثان :

البحث الأول : قال أهل اللغة لكنا أصله لكن أنا فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون لكن فاجتمعت النونان فأدغمت نون لكن في النون التي بعدها ومثله :

وتقلينني لكن إياك لا أقلى*** . . .

أي لكن أنا لا أقليك وهو في قوله : { هو الله ربي } ضمير الشأن وقوله : { الله ربي } جملة من المبتدأ والخبر واقعة في معرض الخبر لقوله : هو فإن قيل قوله : { لكنا } استدراك لماذا ؟ قلنا لقوله : { أكفرت } كأنه قال لأخيه : أكفرت بالله لكني مؤمن موحد كما تقول زيد غائب لكن عمرو حاضر .

والبحث الثاني : قرأ ابن عامر ويعقوب الحضرمي ونافع في رواية : { لكنا هو الله ربي } في الوصل بالألف . وفي قراءة الباقين : { لكن هو الله ربي } بغير ألف والمعنى واحد ثم قال المؤمن : { ولا أشرك بربي أحدا } ذكر القفال فيه وجوها : أحدها : إني لا أرى الفقر والغنى إلا منه فأحمده إذا أعطى وأصبر إذا ابتلي ولا أتكبر عندما ينعم علي ولا أرى كثرة المال والأعوان من نفسي وذلك لأن الكافر لما اعتز بكثرة المال والجاه فكأنه قد أثبت لله شريكا في إعطاء العز والغنى . وثانيها : لعل ذلك الكافر مع كونه منكرا للبعث كان عابد صنم فبين هذا المؤمن فساد قوله بإثبات الشركاء . وثالثها : أن هذا الكافر لما عجز الله عن البعث والحشر فقد جعله مساويا للخلق في هذا العجز وإذا أثبت المساواة فقد أثبت الشريك