مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ فَأۡتُواْ بِهِۦ عَلَىٰٓ أَعۡيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡهَدُونَ} (61)

قوله تعالى :{ قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ، قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ، ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ، قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم ، أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون }

اعلم أن القوم لما شاهدوا كسر الأصنام ، وقيل إن فاعله إبراهيم عليه السلام قالوا فيما بينهم : { فأتوا به على أعين الناس } قال صاحب «الكشاف » : على أعين الناس في محل الحال أي فأتوا به مشاهدا أي بمرأى منهم ومنظر . فإن قلت : ما معنى الاستعلاء في على ؟ قلت : هو وارد على طريق المثل أي يثبت إتيانه في الأعين ثبات الراكب على المركوب . أما قوله تعالى : { لعلهم يشهدون } ففيه وجهان : أحدهما : أنهم كرهوا أن يأخذوه بغير بينة فأرادوا أن يجيئوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عليه بما قاله فيكون حجة عليه بما فعل . وهذا قول الحسن وقتادة والسدي وعطاء وابن عباس رضي الله عنهم . وثانيهما : وهو قول محمد ابن إسحق أي يحضرون فيبصرون ما يصنع به فيكون ذلك زاجرا لهم عن الإقدام على مثل فعله ، وفيه قول ثالث : وهو قول مقاتل والكلبي أن المراد مجموع الوجهين فيشهدون عليه بفعله ويشهدون عقابه .