اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالُواْ فَأۡتُواْ بِهِۦ عَلَىٰٓ أَعۡيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡهَدُونَ} (61)

فصل

لما سمع بعض القوم قول إبراهيم -عليه السلام-{[28828]} { تالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } وسمعوا سبّه لآلهتهم غلب على ظنهم أنه الفاعل لذلك ، فلذلك{[28829]} قالوا : { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } أي : يعيبهم ويسبهم { يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } ، فهو الذي يظن أنه الذي صنع هذا{[28830]} .

فبلغ ذلك نمروذ الجبار ، وأشراف قومه ، فقالوا فيما بينهم { فَأْتُواْ بِهِ على أَعْيُنِ الناس } قال نمروذ ، أي : جيئوا به ظاهراً ، أي بمرأى من الناس { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } عليه أنه الذي فعله . قال الحسن وقتادة والسدي : كرهوا أن يأخذوه بغير بينةٍ{[28831]} . وقال محمد بن إسحاق : { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } أي : يحضرون عقابه فينزجروا عن الإقدام على مثله{[28832]} . وقال الكلبي ومقاتل : المراد مجموع الأمرين أي : يشهدون عليه عقابه{[28833]} .

قوله : { على أَعْيُنِ } في محل نصب على الحال من الهاء في «بِهِ » أي : ائتوا به ظاهراً مكشوفاً بمرأى منهم ومنظر{[28834]} . قال الزمخشري : فإنْ قُلْتَ : ما معنى الاستعلاء في : «عَلَى » ؟ قُلْتُ : هو وارد على طريق المثل ، أي يثبت إتيانه على الأعين ، ويتمكن ثبات الراكب على المركوب ، وتمكنه منه{[28835]} .


[28828]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[28829]:في ب: فكذلك. وهو تحريف.
[28830]:انظر البغوي 5/495.
[28831]:انظر البغوي 5/495.
[28832]:انظر الفخر الرازي 22/184.
[28833]:المرجع السابق.
[28834]:انظر الكشاف 3/15، التبيان 2/921، البحر المحيط 6/324.
[28835]:الكشاف 3/15.