مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَوۡ كَانَ هَـٰٓؤُلَآءِ ءَالِهَةٗ مَّا وَرَدُوهَاۖ وَكُلّٞ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (99)

أما قوله تعالى : { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } فاعلم أن قوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله } بالأصنام أليق لدخول لفظة ما ، وهذا الكلام بالشياطين أليق لقوله هؤلاء ويحتمل أن يريد الشياطين والأصنام فيغلب بأن يذكروا بعبارة العقلاء ، ونبه الله تعالى على أن من يرمى إلى النار لا يمكن أن يكون إلها . وههنا سؤال : وهو أن قوله : { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } لكنهم وردوها فهم ليسوا آلهة حجة ، وهذه الحجة إما أن يكون ذكرها لنفسه أو لغيره ، فإن ذكرها لنفسه فلا فائدة فيه لأنه كان عالما بأنها ليست آلهة وإن ذكرها لغيره ، فإما أن يذكرها لمن يصدق بنبوته أو لمن يكذب بنبوته ، فإن ذكرها لمن صدق بنبوته فلا حاجة إلى هذه الحجة لأن كل من صدق بنبوته لم يقل بإلهية هذه الأصنام وإن ذكرها لمن يكذب بنبوته ، فذلك المكذب لا يسلم أن تلك الآلهة يردون النار ويكذبونه في ذلك ، فكان ذكره هذه الحجة ضائعا كيف كان ، وأيضا فالقائلون بآلهيتها لم يعتقدوا فيها كونها مدبرة للعالم وإلا لكانوا مجانين ، بل اعتقدوا فيها كونها تماثيل الكواكب أو صور الشفعاء ، وذلك لا يمنع من دخولها في النار . وأجيب عن ذلك بأن المفسرين قالوا : المعنى لو كان هؤلاء يعني الأصنام آلهة على الحقيقة ما وردوها أي ما دخل عابدوها النار ، ثم إنه سبحانه وصف ذلك العذاب بأمور ثلاثة : أحدها : الخلود فقال : { وكل فيها خالدون } يعني العابدين والمعبودين وهو تفسير لقوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله } .