أما قوله تعالى : { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون * واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا } ففيه مسائل :
المسألة الأولى : أن ( حتى ) متعلقة بحرام فأما على تأويل أبي مسلم فالمعنى أن رجوعهم إلى الآخرة واجب حتى أن وجوبه يبلغ إلى حيث أنه إذا فتحت يأجوج ومأجوج ، واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ، والمعنى أنهم يكونون أول الناس حضورا في محفل القيامة ، فحتى متعلقة بحرام وهي غاية له ولكنه غاية من جنس الشيء كقولك دخل الحاج حتى المشاة . وحتى ههنا هي التي يحكى بعدها الكلام . والكلام المحكى هو هذه الجملة من الشرط والجزاء أعني قوله : { وإذا فتحت يأجوج ومأجوج * واقترب الوعد الحق } فهناك يتحقق شخوص أبصار الذين كفروا ، وذلك غير جائز لأن الشرط إنما يحصل في آخر أيام الدنيا والجزاء إنما يحصل في يوم القيامة ، والشرط والجزاء لا بد وأن يكونا متقاربين ، قلنا التفاوت القليل يجري مجرى المعدوم ، وأما على التأويلات الباقية فالمعنى أن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم الساعة .
المسألة الثانية : قوله : { حتى إذا فتحت } المعنى فتح سد يأجوج ومأجوج فحذف المضاف وأدخلت علامة التأنيث في فتحت لما حذف المضاف لأن يأجوج ومأجوج مؤنثان بمنزلة القبيلتين ، وقيل حتى إذا فتحت جهة يأجوج .
المسألة الثالثة : هما قبيلتان من جنس الإنس ، يقال : الناس عشرة أجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج يخرجون حين يفتح السد .
المسألة الرابعة : قيل : السد يفتحه الله تعالى ابتداء ، وقيل : بل إذا جعل الله تعالى الأرض دكا زالت الصلابة عن أجزاء الأرض فحينئذ ينفتح السد .
أما قوله تعالى : { وهم من كل حدب ينسلون } فحشو في أثناء الكلام ، والمعنى إذا فتحت يأجوج واقترب الوعد الحق شخصت أبصار الذين كفروا ، والحدب النشز من الأرض ، ومنه حدبة الأرض ، ومنه حدبة الظهر ، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما { من كل جدث ينسلون } ، اعتبارا بقوله :{ فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } وقرئ بضم السين ونسل وعسل أسرع ثم فيه قولان ، قال أكثر المفسرين إنه كناية عن يأجوج ومأجوج ، وقال مجاهد : هو كناية عن جميع المكلفين أي يخرجون من قبورهم من كل موضع فيحشرون إلى موقف الحساب ، والأول هو الأوجه وإلا لتفكك النظم ، وأن يأجوج ومأجوج إذا كثروا على ما روى في «الخبر » ، فلا بد من أن ينشروا فيظهر إقبالهم على الناس من كل موضع مرتفع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.