مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

أما قوله تعالى : { واقترب الوعد الحق } فلا شبهة أن الوعد المذكور هو يوم القيامة .

أما قوله : { فإذا هي } فاعلم أن ( إذا ) ههنا للمفاجأة فسمى الموعد وعدا تجوزا ، وهي تقع في المجازاة سادة مسد الفاء كقوله : { إذا هم يقنطون } فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد ولو قيل : { إذا هي شاخصة } أو فهي شاخصة كان سديدا ، أما لفظة { هي } فقد ذكر النحويون فيها ثلاثة أوجه . أحدها : أن تكون كناية عن الأبصار ، والمعنى فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة أبصارهم كني عن الإبصار ثم أظهر . والثاني : أن تكون عمادا ويصلح في موضعها هو فيكون كقوله : { إنه أنا الله } ومثله : { فإنها لا تعمى الأبصار } وجاز التأنيث لأن الأبصار مؤنثة وجاز التذكير للعماد وهو قول الفراء ، وقال سيبويه الضمير للقصة بمعنى فإذا القصة شاخصة ، يعني أن القصة أن أبصار الذين كفروا تشخص عند ذلك ، ومعنى الكلام أن القيامة إذا قامت شخصت أبصار هؤلاء من شدة الأهوال ، فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم ، ومن توقع ما يخافونه ، ويقولون : { يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا } يعني في الدنيا حيث كذبناه وقلنا : إنه غير كائن بل كنا ظالمين أنفسنا بتلك الغفلة وبتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وعبادة الأوثان ، واعلم أنه لا بد قبل قوله يا ويلنا من حذف والتقدير يقولون يا ويلنا .