مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَهُمۡ فِيهَا لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

وثانيها : قوله : { لهم فيها زفير } قال الحسن : الزفير هو اللهيب ، أي يرتفعون بسبب لهب النار حتى إذا ارتفعوا ورجوا الخروج ضربوا بمقامع الحديد فهووا إلى أسفلها سبعين خريفا ، قال الخليل : الزفير أن يملأ الرجل صدره غما ثم يتنفس قال أبو مسلم وقوله لهم : عام لكل معذب ، فنقول لهم : زفير من شدة ما ينالهم والضمير في قوله : { وهم فيها يسمعون } يرجع إلى المعبودين أي لا يسمعون صراخهم وشكواهم . ومعناه : أنهم لا يغيثونهم وشبهه سمع الله لمن حده أي أجاب الله دعاءه . وثالثها : قوله : { وهم فيها لا يسمعون } وفيه وجهان : أحدهما : أنه محمول على الأصنام خاصة على ما حكيناه عن أبي مسلم . والثاني : أنها محمولة على الكفار ، ثم هذا يحتمل ثلاثة أوجه . أحدها : أن الكفار يحشرون صما كما يحشرون عميا زيادة في عذابهم . وثانيها : أنهم لا يسمعون ما ينفعهم لأنهم إنما يسمعون أصوات المعذبين أو كلام من يتولى تعذيبهم من الملائكة . وثالثها : قال ابن مسعود إن الكفار يجعلون في توابيت من نار والتوابيت في توابيت أخر فلذلك لا يسمعون شيئا والأول ضعيف لأن أهل النار يسمعون كلام أهل الجنة فلذلك يستغيثون بهم على ما ذكره الله تعالى في سورة الأعراف .