مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا كُفۡرَانَ لِسَعۡيِهِۦ وَإِنَّا لَهُۥ كَٰتِبُونَ} (94)

قوله تعالى :{ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ، وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ، حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين }

اعلم أنه سبحانه لما ذكر أمر الأمة من قبل وذكر تفرقهم وأنهم أجمع راجعون إلى حيث لا أمر إلا له أتبع ذلك بقوله : { فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه } بين أن من جمع بين أن يكون مؤمنا وبين أن يعمل الصالحات فيدخل في الأول العلم والتصديق بالله ورسوله وفي الثاني فعل الواجبات وترك المحظورات : { فلا كفران لسعيه } أي لا بطلان لثواب عمله وهو كقوله تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } فالكفران مثل في حرمان الثواب والشكر مثل في إعطائه وقوله : { فلا كفران } المراد نفي الجنس ليكون في نهاية المبالغة لأن نفي الماهية يستلزم نفي جميع أفرادها .

وأما قوله تعالى : { وإنا له كاتبون } فالمراد وإنا لسعيه كاتبون ، فقيل : المراد حافظون لنجازي عليه ، وقيل : كاتبون إما في أم الكتاب أو في الصحف التي تعرض يوم القيامة ، والمراد بذلك ترغيب العباد في التمسك بطاعة الله تعالى .