أما قوله : { ثم ليقضوا تفثهم } قال الزجاج : إن أهل اللغة لا يعرفون التفث إلا من التفسير ، وقال المبرد أصل التفث في كلام العرب كل قاذورة تلحق الإنسان فيجب عليه نقضها . والمراد ههنا قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة . والمراد من القضاء إزالة التفث ، وقال القفال قال نفطويه : سألت أعرابيا فصيحا ما معنى قوله : { ثم ليقضوا تفثهم } ؟ فقال ما أفسر القرآن ولكنا نقول للرجل ما أتفثك وما أدرنك ، ثم قال القفال وهذا أولى من قول الزجاج لأن القول قول المثبت لا قول النافي .
أما قوله : { وليوفوا نذورهم } فقرئ بتشديد الفاء ثم يحتمل ذلك ما أوجبه الدخول في الحج من أنواع المناسك ، ويحتمل أن يكون المراد ما أوجبوه بالنذر الذي هو القول ، وهذا القول هو الأقرب فإن الرجل إذا حج أو اعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدي وغيره ما لولا إيجابه لم يكن الحج يقتضيه فأمر الله تعالى بالوفاء بذلك .
أما قوله : { وليطوفوا بالبيت العتيق } فالمراد الطواف الواجب وهو طواف الإفاضة والزيارة ، أما كون هذا الطواف بعد الوقوف ورمي الجمار والحلق ، ثم هو في يوم النحر أو بعده ففيه تفصيل ، وسمي البيت العتيق لوجوه . أحدها : العتيق القديم لأنه أول بيت وضع للناس عن الحسن . وثانيها : لأنه أعتق من الجبابرة فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى وهو قول ابن عباس وقول ابن الزبير ، ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قصد أبرهة فعل به ما فعل ، فإن قيل فقد تسلط الحجاج عليه فالجواب : قلنا ما قصد التسلط على البيت وإنما تحصن به عبد الله بن الزبير فاحتال لإخراجه ثم بناه . وثالثها : لم يملك قط عن ابن عيينة . ورابعها : أعتق من الغرق عن مجاهد . وخامسها : بيت كريم من قولهم عتاق الطير والخيل ، واعلم أن اللام في ليقضوا وليوفوا وليطوفوا لام الأمر ، وفي قراءة ابن كثير ونافع والأكثرين تخفيف هذه اللامات وفي قراءة أبي عمرو تحريكها بالكسر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.