مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَإِنَّهُۥ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتَابٗا} (71)

أما قوله تعالى : { ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا } ففيه سؤالان :

السؤال الأول : ما فائدة هذا التكرير ؟ الجواب من وجهين : الأول : أن هذا ليس بتكرير لأن الأول لما كان في تلك الخصال بين تعالى أن جميع الذنوب بمنزلتها في صحة التوبة منها . الثاني : أن التوبة الأولى رجوع عن الشرك والمعاصي ، والتوبة الثانية رجوع إلى الله تعالى للجزاء والمكافأة كقوله تعالى : { عليه توكلت وإليه متاب } أي مرجعي .

السؤال الثاني : هل تكون التوبة إلا إلى الله تعالى فما فائدة قوله : { فإنه يتوب إلى الله متابا } ؟ الجواب من وجوه . الأول : ما تقدم من أن التوبة الأولى الرجوع عن المعصية والثانية الرجوع إلى حكم الله تعالى وثوابه . الثاني : معناه أن من تاب إلى الله فقد أتى بتوبة مرضية لله مكفرة للذنوب محصلة للثواب العظيم . الثالث : قوله : { ومن تاب } يرجع إلى الماضي فإنه سبحانه ذكر أن من أتى بهذه التوبة في الماضي على سبيل الإخلاص فقد وعده بأنه سيوفقه للتوبة في المستقبل ، وهذا من أعظم البشارات .