فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَإِنَّهُۥ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتَابٗا} (71)

{ وَمَن تَابَ } عن المعاصي بتركها ، والندم عليها { وَعَمِلَ صَالِحًا } يلافي به ما فرط { فَإِنَّهُ يَتُوبُ } يرجع { إِلَى اللَّهِ مَتَابًا } رجوعا صحيحا ، مرضيا ، قويا عند الله ، ماحيا للعقاب ، محصلا للثواب ، أو متابا إلى الله الذي يحب التائبين ، ويحسن إليهم أو فإنه يرجع إلى الله . وإلى ثوابه مرجعا حسنا ، وهذا تعميم بعد تخصيص . قال القفال : يحتمل أن تكون الآية الأولى فيمن تاب من المشركين ، ولهذا قال { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ } ثم عطف عليه ، ومن تاب من المسلمين وأتبع توبته عملا صالحا فله حكم التائبين أيضا .

وقيل أي من تاب بلسانه ولم يحقق التوبة بفعله ، فليست تلك التوبة نافعة بل من تاب وعمل صالحا فحقق توبته بالأعمال الصالحة فهو الذي تاب إلى الله متابا ، أي تاب حق التوبة ، وهي النصوح ، ولذلك أكد بالمصدر ومعنى الآية من أراد التوبة وعزم عليها فليتب إلى الله فالخبر في معنى الأمر كذا ، قيل : لئلا يتحد الشرط والجزاء ، فإنه لا يقال من تاب فإنه يتوب ، وقيل : المعنى من تاب من الشرك وأدى الفرائض ، ممن لم يقتل ولم يزن فإنه يعود إلى الله بعد الموت حسنا ، يفضل على غيره ، ممن قتل وزنا ، فالتوبة الأولى رجوع عن الشرك ، والثانية رجوع إلى الله ، للجزاء والمكافأة . والأول أولى .