مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

أما قوله : { يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } ففيه مسائل :

المسألة الأولى : { يضاعف } بدل من { يلق } لأنهما في معنى واحد ، وقرئ ( يضعف ) و( نضعف له العذاب ) بالنون ونصب العذاب ، وقرئ بالرفع على الاستئناف أو على الحال ، وكذلك ( يخلد ) ( ويخلد ) على البناء للمفعول مخففا ومثقلا من الإخلاد والتخليد ، وقرئ ( وتخلد ) بالتاء على الالتفات .

المسألة الثانية : سبب تضعيف العذاب أن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعا ، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه ، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع .

المسألة الثالثة : قال القاضي : بين الله تعالى أن المضاعفة والزيادة يكون حالهما في الدوام كحال الأصل ، فقوله : { ويخلد فيه } أي ويخلد في ذلك التضعيف ، ثم إن ذلك التضعيف إنما حصل بسبب العقاب على المعاصي ، فوجب أن يكون عقاب هذه المعاصي في حق الكافر دائما ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون في حق المؤمن كذلك ، لأن حاله فيما يستحق به لا يتغير سواء فعل مع غيره أو منفردا . والجواب : لم لا يجوز أن يكون للإتيان بالشيء مع غيره أثر في مزيد القبح ، ألا ترى أن الشيئين قد يكون كل واحد منهما في نفسه حسنا وإن كان الجمع بينهما قبيحا ، وقد يكون كل واحد منهما قبيحا ، ويكون الجمع بينهما أقبح ، فكذا ههنا .

المسألة الرابعة : قوله : { ويخلد فيه مهانا } إشارة إلى ما ثبت أن العقاب هو المضرة الخالصة المقرونة بالإذلال والإهانة ، كما أن الثواب هو المنفعة الخالصة المقرونة بالتعظيم .