مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ لَشِرۡذِمَةٞ قَلِيلُونَ} (54)

ثم إنه قوى نفسه ونفس أصحابه بأن وصف قوم موسى بوصفين من أوصاف الذم ، ووصف قوم نفسه بصفة المدح ، أما وصف قوم موسى عليه السلام بالذم .

فالصفة الأولى : قوله : { إن هؤلاء لشرذمة قليلون } والشرذمة الطائفة القليلة ، ومنه قولهم ثوب شراذم الذي بلى ، وتقطع قطعا ذكرهم بالاسم الدال على القلة ، ثم جعلهم قليلا بالوصف ؛ ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلا واختار جمع السلامة الذي هو للقلة ، ويجوز أن يريد بالقلة الذلة لا قلة العدد ، والمعنى أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع غلبتهم وعلوهم ، ثم اختلف المفسرون في عدد تلك الشرذمة ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا ستمائة ألف مقاتل لا شاب فيهم دون عشرين سنة ، ولا شيخ يوفي على الستين سوى الحشم ، وفرعون يقللهم لكثرة من معه ، وهذا الوصف قد يستعمل في الكثير عند الإضافة إلى ما هو أكثر منه ، فروي أن فرعون خرج على فرس أدهم حصان وفي عسكره على لون فرسه ثلثمائة ألف .