السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ لَشِرۡذِمَةٞ قَلِيلُونَ} (54)

{ إن هؤلاء } إشارة بأداة القرب تحقيراً لهم إلى أنهم في القبضة وإن بعدوا لما بهم من العجز وبآل فرعون من القوّة فليسوا بحيث يخاف قوتهم { لشرذمة } أي : طائفة وقطعة من الناس { قليلون } أي : بالنسبة إلى ما لنا من الجنود التي لا تحصى فذكرهم أولاً بالاسم الدال على القلة بالشرذمة وهي الطائفة القليلة ، ومنها قولهم : ثوب شرذم للذي بلي وتقطع قطعاً ، ثم جعلهم قليلاً بالوصف ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلاً واختار جمع السلامة الذي هو للقلة مع أنهم كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً وسماهم بشرذمة قليلين وذلك بالنسبة لما أرسله خلفهم ، فإنّ الذي أرسله فرعون في أثرهم ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور ومع كل ملك ألف ، وخرج فرعون في جمع عظيم وكان مقدمته سبعمائة ألف كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة ، وعن ابن عباس خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث فلذلك استقل قوم موسى ، قال الزمخشري ويجوز أن يريد بالقلة الذلة والقماءة ولا يريد قلة العدد ، والمعنى : أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع عليهم غلبتهم وعلوّهم ولكنهم يفعلون أفعالاً تغيظنا وتضيق صدورنا ، كما قال تعالى عنهم .