الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (196)

{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ } نزلت في مشركي العرب ، وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش وكانوا يتجرون ويتنعمون ، فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما يرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد ، فنزلت هذه الآية .

وقال الفراء : كانت اليهود تضرب في الأرض فتصيب الأموال ، فأنزل الله { لاَ يَغُرَّنَّكَ } .

وقرأ يعقوب : ( يغرنك ) وأخواتها ساكنة النون .

وأنشد :

لا يغرنك عشاء ساكن *** قد يوافي بالمنيات السحر

{ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } : ضربهم وتصرفهم في البلاد للتجارات والبياعات وأنواع المكاسب والمطالب ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره ، لأنه لم يغيّر لذلك .

قال قتادة في هذه الآية : والله ما غرّوا نبي الله ولا وكّل إليهم شيئاً من أمر الله تعالى حتى قبضه الله على ذلك ، نظيره قوله تعالى :فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ [ غافر : 4 ] ،