مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (39)

ثم قال تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم }

وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : دلت الآية على أن من تاب فإن الله يقبل توبته ، فإن قيل : قوله { وأصلح } يدل على أن مجرد التوبة غير مقبول .

قلنا : المراد من قوله { وأصلح } أي يتوب بنية صالحة صادقة وعزيمة صحيحة خالية عن سائر الأغراض .

المسألة الثانية : إذا تاب قبل القطع تاب الله عليه ، وهل يسقط عنه الحد ؟ قال بعض العلماء التابعين : يسقط عنه الحد ، لأن ذكر الغفور الرحيم في آخر هذه الآية يدل على سقوط العقوبة عنه ، والعقوبة المذكورة في هذه الآية هي الحد ، فظاهر الآية يقتضي سقوطها . وقال الجمهور : لا يسقط عنه هذا الحد ، بل يقام عليه على سبيل الامتحان .

المسألة الثالثة : دلت الآية على أن قبول التوبة غير واجب على الله تعالى لأنه تعالى تمدح بقبول التوبة ، والتمدح إنما يكون بفعل التفضل والإحسان ، لا بأداء الواجبات .