مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفۡتَدُواْ بِهِۦ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنۡهُمۡۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (36)

واعلم أنه تعالى لما أرشد المؤمنين في هذه الآية إلى معاقد جميع الخيرات ، ومفاتح كل السعادات أتبعه بشرح حال الكفار ، وبوصف عاقبة من لم يعرف حياة ولا سعادة إلا في هذه الدار ، وذكر من جملة تلك الأمور الفظيعة نوعين :

أحدهما : قوله تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم }

وفيه مسائل :

المسأله الأولى : الجملة المذكورة مع كلمة { لو } خبر { إن } .

فإن قيل : لم وحد الراجع في قوله { ليفتدوا به } مع أن المذكور السابق بيان ما في الأرض جميعا ومثله ؟

قلنا : التقدير كأنه قيل : ليفتدوا بذلك المذكور .

المسألة الثانية : قوله { ولهم عذاب أليم } يحتمل أن يكون في موضع الحال ، ويحتمل أن يكون عطفا على الخبر .

المسألة الثالثة : المقصود من هذا الكلام التمثيل للزوم العذاب لهم ، فإنه لا سبيل لهم إلى الخلاص منه . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «يقال للكافر يوم القيامة أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به فيقول نعم فيقال له قد سئلت أيسر من ذلك فأبيت » .