قوله تعالى : { وأما إن كان من المكذبين الضالين ، فنزل من حميم ، وتصلية جحيم } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال هاهنا : { من المكذبين الضالين } وقال من قبل : { ثم إنكم أيها الضالون المكذبون } وقد بينا فائدة التقديم والتأخير هناك .
المسألة الثانية : ذكر الأزواج الثلاثة في أول السورة بعبارة وأعادهم بعبارة أخرى فقال : { أصحاب الميمنة } ثم قال : { أصحاب اليمين } وقال : { أصحاب المشأمة } ثم قال : { أصحاب الشمال } وأعادهم هاهنا ، وفي المواضع الثلاثة ذكر أصحاب اليمين بلفظ واحد أو بلفظين مرتين ، أحدهما غير الآخر ، وذكر السابقين في أول السورة بلفظ السابقين ، وفي آخر السورة بلفظ المقربين ، وذكر أصحاب النار في الأول بلفظ { أصحاب المشأمة } ثم بلفظ { أصحاب الشمال } ثم بلفظ { المكذبين } فما الحكمة فيه ؟ نقول : أما السابق فله حالتان إحداهما في الأولى ، والأخرى في الآخرة ، فذكره في المرة الأولى بماله في الحالة الأولى ، وفي الثانية بماله في الحالة الآخرة ، وليس له حالة هي واسطة بين الوقوف للعرض وبين الحساب ، بل هو ينقل من الدنيا إلى أعلى عليين ، ثم ذكر أصحاب اليمين بلفظين متقاربين ، لأن حالهم قريبة من حال السابقين ، وذكر الكفار بألفاظ ثلاثة كأنهم في الدنيا ضحكوا عليهم بأنهم أصحاب موضع شؤم ، فوصفوهم بموضع الشؤم ، فإن المشأمة مفعلة وهي الموضع ، ثم قال : { أصحاب الشمال } فإنهم في الآخرة يؤتون كتابهم بشمالهم ، ويقفون في موضع هو شمال ، لأجل كونهم من أهل النار ، ثم إنه تعالى لما ذكر حالهم في أول الحشر بكونهم من أصحاب الشمال ذكر ما يكون لهم من السموم والحميم ، ثم لم يقتصر عليه ، ثم ذكر السبب فيه ، فقال : { إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون } فذكر سبب العقاب لما بينا مرارا أن العادل يذكر للعقاب سببا ، والمتفضل لا يذكر للإنعام والتفضل سببا ، فذكرهم في الآخرة ما عملوه في الدنيا ، فقال : { وأما إن كان من المكذبين } ليكون ترتيب العقاب على تكذيب الكتاب فظهر العدل ، وغير ذلك ظاهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.