مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنتُمۡ حِينَئِذٖ تَنظُرُونَ} (84)

وقوله : { وأنتم حينئذ تنظرون } تأكيد لبيان الحق أي في ذلك الوقت تصير الأمور مرئية مشاهدة ينظر إليها كل من بلغ إلى تلك الحالة ، فإن كان ما ذكرتم حقا كان ينبغي أن يكون في ذلك الوقت ، وقد ذكرنا التحقيق في { حينئذ } في قوله :

{ يومئذ } في سورة والطور واللفظ والمعنى متطابقان على ما ذكرنا لأنهم كانوا يكذبون بالرسل والحشر ، وصرح به الله في هذه السورة عنهم حيث قال : { إنهم كانوا يصرون على الحنث العظيم ، وكانوا يقولون أئذا متنا } وهذا كالتصريح بالتكذيب لأنهم ما كانوا ينكرون أن الله تعالى منزل لكنهم كانوا يجعلون أيضا الكواكب من المنزلين ، وأما المضمر فذكره الله تعالى عند قوله : { أفرأيتم الماء الذي تشربون } ثم قال : { أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون } بالواسطة وبالتفويض على ما هو مذهب المشركين أو مذهب الفلاسفة . وأيضا التفسير المشهور محتاج إلى إضمار تقديره أتجعلون شكر رزقكم ، وأما جعل الرزق بمعنى المعاش فأقرب ، يقال : فلان رزقه في لسانه ، ورزق فلان في رجله ويده ، وأيضا فقوله تعالى : { فلولا إذا بلغت الحلقوم } متصل بما قبله لما بينا أن المراد أنكم تكذبون الرسل فلم لا تكذبونهم وقت النزع لقوله تعالى : { ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله } فعلم أنهم كذبوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « كذب المنجمون ورب الكعبة » ولم يكذبوا وهذا على قراءة من يقرأ { تكذبون } بالتخفيف ، وأما المدهن فعلى ما ذكرنا يبقى على الأصل ويوافقه : { ودوا لو تدهن فيدهنون } فإن المراد هناك ليس تكذب فيكذبون ، لأنهم أرادوا النفاق لا التكذيب الظاهر .