قوله تعالى : { إن هذا لهو اليقين ، فسبح باسم ربك العظيم } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : { هذا } إشارة إلى ماذا ؟ نقول : فيه وجوه ( أحدها ) القرآن ( ثانيها ) ما ذكره في السورة ( ثالثها ) جزاء الأزواج الثلاثة .
المسألة الثانية : كيف أضاف الحق إلى اليقين مع أنهما بمعنى واحد ؟ نقول : فيه وجوه ( أحدها ) هذه الإضافة ، كما أضاف الجانب إلى الغربي في قوله : { وما كنت بجانب الغربي } وأضاف الدار إلى الآخرة في قوله : { ولدار الآخرة } غير أن المقدر هنا غير ظاهر ، فإن شرط ذلك أن يكون بحيث يوصف باليقين ، ويضاف إليه الحق ، وما يوصف باليقين بعد إضافة الحق إليه ( وثانيها ) أنه من الإضافة التي بمعنى من ، كما يقال : باب من ساج ، وباب ساج ، وخاتم من فضة ، وخاتم فضة ، فكأنه قال : لهو الحق من اليقين ( ثالثها ) وهو أقرب منها ما ذكره ابن عطية أن ذلك نوع تأكيد يقال : هذا من حق الحق ، وصواب الصواب ، أي غايته ونهايته التي لا وصول فوقه ، والذي وقع في تقرير هذا أن الإنسان أظهر ما عنده الأنوار المدركة بالحس ، وتلك الأنوار أكثرها مشوبة بغيرها ، فإذا وصل الطالب إلى أوله يقول : وجدت أمر كذا ، ثم إنه مع صحة إطلاق اللفظ عليه لا يتميز عن غيره ، فيتوسط الطالب ويأخذ مطلوبه من وسطه ، مثاله من يطلب الماء ، ثم يصل إلى بركة عظيمة ، فإذا أخذ من طرفه شيئا يقول : هو ماء ، وربما يقول قائل آخر : هذا ليس بماء ، وإنما هو طين ، وأما الماء ما أخذته من وسط البركة ، فالذي في طرف البركة ماء بالنسبة إلى أجسام أخرى ، ثم إذا نسب إلى الماء الصافي ربما يقال له شيء آخر ، فإذا قال : هذا هو الماء حقا قد أكد ، وله أن يقول : حق الماء ، أي الماء حقا هذا بحيث لا يقول أحد فيه شيء ، فكذلك هاهنا كأنه قال : هذا هو اليقين حقا لا اليقين الذي يقول بعض إنه ليس بيقين ، ويحتمل وجها آخر ، وهو أن يقال : الإضافة على حقيقتها ، ومعناه أن هذا القول لك يا محمد وللمؤمنين ، وحق اليقين أن تقول كذا ، ويقرب من هذا ما يقال : حق الكمال أن يصلي المؤمن ، وهذا كما قيل في قوله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها » أن الضمير راجع إلى الكلمة أي إلا بحق الكلمة ، ومن حق الكلمة أداء الزكاة والصلاة ، فكذلك حق اليقين أن يعرف ما قاله الله تعالى في الواقعة في حق الأزواج الثلاثة ، وعلى هذا معناه : أن اليقين لا يحق ولا يكون إلا إذا صدق فيما قاله بحق ، فالتصديق حق اليقين الذي يستحقه ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.