مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (5)

ثم قال تعالى : { فما كان دعواهم } قال أهل اللغة : الدعوى اسم يقوم مقام الادعاء ، ومقام الدعاء . حكى سيبويه : اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين ، ودعوى المسلمين . قال ابن عباس : فما كان تضرعهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين فأقروا على أنفسهم بالشرك . قال ابن الأنباري : فما كان قولهم إذ جاءهم بأسنا إلا الاعتراف بالظلم والإقرار بالإساءة وقوله : { إلا أن قالوا } الاختيار عند النحويين أن يكون موضع أن رفعا بكان ويكون قوله : { دعواهم } نصبا كقوله : { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا } وقوله : { فكان عاقبتهما أنهما في النار } وقوله : { ما كان حجتهم إلا أن } قال ويجوز أن يكون أيضا على الضد من هذا بأن يكون الدعوى رفعا ، و{ أن قالوا } نصبا كقوله تعالى : { ليس البر أن تولوا } على قراءة من رفع البر ، والأصل في هذا الباب أنه إذا حصل بعد كلمة كان معرفتان فأنت بالخيار في رفع أيهما شئت ، وفي نصب الآخر كقولك كان زيد أخاك وإن شئت كان زيدا أخوك . قال الزجاج : إلا أن الاختيار إذا جعلنا قوله : { دعواهم } في موضع رفع أن يقول : { فما كان دعواهم } فلما قال : كان دل على أن الدعوى في موضع نصب ، ويمكن أن يجاب عنه بأنه يجوز تذكير الدعوى ، وإن كانت رفعا فتقول : كان دعواه باطلا ، وباطلة ، والله أعلم .