الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (5)

قوله عز وجل : { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظالمين }[ الأعراف :5 ] .

هذه الآية يَتَبَيَّنُ منها أن المراد في الآية قبلها أهل القُرَى ، والدعوى في كلام العَرَبِ تأتي لمعنيين :

أحدهما : الدعاء ، ومنه قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ } [ الأنبياء : 15 ] .

والثاني : الادِّعاءُ ، وهذه الآية تَحْتَمِلُ المعنيين ، ثم استثنى سُبْحَانَهُ من غير الأول كأنه قال : لم يكن منهم دُعَاءٌ أو ادِّعَاءٌ إِلاَّ الإقرار ، والاعتراف ، أي : هذا كان بَدَلَ الدعاء ، والادعاء ، واعترافهم .

وقولهم : { إِنَّا كُنَّا ظالمين }[ الأعراف :5 ] هو في المُدَّةِ التي ما بين ظُهُورِ العَذَابِ إلى إتيانه على أنفسهم ، وفي ذلك مُهْلَةٌ بحسب نَوْعِ العذاب تَتَّسِعُ لهذه المَقَالَةِ ، وغيرها .

وروى ابن مَسْعُودٍ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما هَلَكَ قَوْمٌ حتى يعذروا من أنفسهم ) .