مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ} (49)

ثم إن هؤلاء الكفار لا يفعلوا ذلك ولا ينقادون لطاعته ، ويبقون مصرين على جهلهم وكفرهم وتعريضهم أنفسهم للعقاب العظيم ، فلهذا قال : { ويل يومئذ للمكذبين } أي الويل لمن يكذب هؤلاء الأنبياء الذين يرشدونهم إلى هذه المصالح الجامعة بين خيرات الدنيا والآخرة ، وهاهنا مسائل :

المسألة الأولى : قال ابن عباس رضي الله عنهما قوله : { وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } المراد به الصلاة ، وهذا ظاهر لأن الركوع من أركانها ، فبين تعالى أن هؤلاء الكفار من صفتهم أنهم إذا دعوا إلى الصلاة لا يصلون ، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع ، وأنهم حال كفرهم كما يستحقون الذم والعقاب بترك الإيمان ، فكذلك يستحقون الذم والعقاب بترك الصلاة لأن الله تعالى ذمهم حال كفرهم على ترك الصلاة ، وقال قوم آخرون : المراد بالركوع الخضوع والخشوع لله تعالى ، وأن لا يعبد سواه .

المسألة الثانية : القائلون بأن الأمر للوجوب استدلوا بهذه الآية ، لأنه تعالى ذمهم بمجرد ترك المأمور به ، وهذا يدل على أن مجرد الأمر للوجوب ، فإن قيل : إنهم كفار فلكفرهم ذمهم ؟ قلنا : إنه تعالى ذمهم على كفرهم من وجوه كثيرة ، إلا أنه تعالى إنما ذمهم في هذه الآية لأنهم تركوا المأمور به ، فعلمنا أن ترك المأمور به غير جائز .