قوله تعالى : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم } واعلم أنه لما بين ما يرهب به العدو من القوة والاستظهار ، بين بعده أنهم عند الإرهاب إذا جنحوا أي مالوا إلى الصلح ، فالحكم قبول الصلح . قال النضر : جنح الرجل إلى فلان ، وأجنح له إذا تابعه وخضع له ، والمعنى : إن مالوا إلى الصلح فمل إليه وأنث الهاء في لها ، لأنه قصد بها قصد الفعلة والجنحة كقوله : { إن ربك من بعدها لغفور رحيم } أراد من بعد فعلتهم . قال صاحب «الكشاف » : السلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب . قال الشاعر :
السلم تأخذ منها ما رضيت به *** والحرب تكفيك من أنفاسها جرع
وقرأ أبو بكر عن عاصم للسلم بكسر السين ، والباقون بالفتح وهما لغتان . قال قتادة هذه الآية منسوخة بقوله : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وقوله : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } وقال بعضهم الآية غير منسوخة لكنها تضمنت الأمر بالصلح إذا كان الصلاح فيه ، فإذا رأى مصالحتهم فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة ، وإن كانت القوة للمشركين جاز مهادنتهم للمسلمين عشر سنين ولا يجوز الزيادة عليها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه هادن أهل مكة عشر سنين ، ثم إنهم نقضوا العهد قبل كمال المدة .
أما قوله تعالى : { وتوكل على الله } فالمعنى فوض الأمر فيما عقدته معهم إلى الله ليكون عونا لك على السلامة ، ولكي ينصرك عليهم إذا نقضوا العهد وعدلوا عن الوفاء ، ولذلك قال : { إنه هو السميع العليم } تنبيها بذلك على الزجر عن نقض الصلح ، لأنه عالم بما يضمره العباد ، وسامع لما يقولون . قال مجاهد الآية نزلت في قريظة والنضير . وورودها فيهم لا يمنع من إجرائها على ظاهر عمومها . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.