مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ} (20)

وثالثها : قوله : { ذي قوة } ثم منهم من حمله على الشدة ، روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لجبريل " ذكر الله قوتك ، فماذا بلغت ؟ قال رفعت قريات قوم لوط الأربع على قوادم جناحي حتى إذا سمع أهل السماء نباح الكلاب وأصوات الدجاج قلبتها " وذكر مقاتل أن شيطانا يقال له الأبيض صاحب الأنبياء قصد أن يفتن النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه جبريل دفعة رقيقة وقع بها من مكة إلى أقصى الهند ، ومنهم من حمله على القوة في أداء طاعة الله وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف ، وعلى القوة في معرفة الله وفي مطالعة جلال الله .

ورابعها : قوله تعالى : { عند ذي العرش مكين } وهذه العندية ليست عندية المكان ، مثل قوله : { ومن عنده لا يستكبرون } وليست عندية الجهة بدليل قوله «أنا عند المنكسرة قلوبهم » بل عندية الإكرام والتشريف والتعظيم . وأما { مكين } فقال الكسائي : يقال قد مكن فلان عند فلان بضم الكاف مكنا ومكانة ، فعلى هذا المكين هو ذو الجاه الذي يعطي ما يسأل .