{ أَمَّنْ هذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مّن دُونِ الرحمن } متعلق عند كثير بقوله سبحانه { أو لم يروا إلى الطير } [ الملك : 19 ] فقال في «الإرشاد » هو تبكيت لهم بنفي أن يكون لهم ناصر غير الله تعالى كما يلوح به التعرض لعنوان الرحمانية ويعضده قوله تعالى ما يمسكهن إلا الرحمن أو ناصر من عذابه تعالى كما هو الأنسب بقوله تعالى بعد { أن أمسك رزقه } [ الملك : 21 ] كقوله تعالى { أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا } [ الأنبياء : 43 ] في المعنيين معاً خلا أن الاستفهام هناك متوجه إلى نفس المانع وتحققه وهنا متوجه إلى تعيين الناصر لتبكيتهم بإظهار عجزهم عن تعيينه وأم منقطعة مقدرة ببل للانتقال من توبيخهم على ترك التأمل فيما يشاهدونه من أحوال الطير المنبئة عن تعاجيب آثار قدرة الله عز وجل إلى التبكيت بما ذكر والالتفات للتشديد في ذلك ولا سبيل إلى تقدير الهمزة معها لأن بعدها من الاستفهامية والاستفهام لا يدخل على الاستفهام في المعروف عندهم وهي مبتدأ وهذا خبره وفي الموصول هنا الاحتمالات المشهورة في مثله وجملة ينصركم صفة لجند باعتبار لفظه ومن دون الرحمن على الوجه الأول أما حال من فاعل ينصركم أو نعت لمصدره وعلى الثاني متعلق بينصركم كما في قوله تعالى { من ينصرني من الله } [ هود : 30 ] فالمعنى من هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ينصركم متجاوزاً نصر الرحمن أو ينصركم نصراً كائناً من دون نصره تعالى أو ينصركم من عذاب كائن من عند الله عز وجل وقوله تعالى : { إِنِ الكافرون إِلاَّ في غُرُورٍ } اعتراض مقرر لما قبله ناع عليهم ما هم فيه من غاية الضلال أي ما هم في زعمهم أنهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم لا بحفظه تعالى فقط وإن آلهتهم تحفظهم من بأس الله تعالى إلا في غرور عظيم وضلال فاحش من جهة الشيطان ليس لهم في ذلك شيء يعتد به في الجملة والالتفات إلى الغيبة للإيذان باقتضاء حالهم الإعراض عنهم وبيان قبائحهم للغير والإظهار في موضع الإضمار لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به .
قوله تعالى : { أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور 20 أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لّجّوا في عتو ونفور 21 أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صرط مستقيم 22 قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون 23 قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون 24 ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 25 قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين 26 فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدّعون } .
يندد الله بالمشركين الخاطئين الساربين في الجهالة والضلالة ، إذ يرجون النصر والعون والرزق من غير الله . أولئك خاطئون متشبثون في الباطل ، موغلون في الوهم والغرور . فقال سبحانه : { أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان } أم ، حرف عطف ، ومن ، في موضع رفع مبتدأ . وهذا مبتدأ ثان ، والذي خبره والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر للمبتدأ الأول{[4591]} والاستفهام في الآية يراد به الإنكار والتوبيخ للمشركين الجاهلين ، الذين يظنون أن آلهتهم المزعومة ، تهرع لنجدتهم ونصرتهم إذا نزل بهم بلاء . والمعنى : من ذا الذي يستطيع من الخلق أن يدفع عنكم عذاب الله إن أحاط بكم . إنه ليس لكم أيها المشركون الضالون من جند ، أي حزب ومنعة ينصرونكم من بأس الله إن جاءكم .
قوله : { إن الكافرون إلا في غرور } يعني ما الكافرون إلا واهمين وقد غرهم الشيطان ، إذ سوّل لهم أن آلهتهم المزعومة تنصرهم من بأس الله وعذابه إن نزل بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.