السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (20)

وقوله تعالى : { أمن } مبتدأ ، وقوله تعالى : { هذا } خبره ، وقوله تعالى : { الذي } بدل من هذا ، وقوله تعالى : { هو جند } أي : أعوان { لكم } صلة الذي ، وقوله تعالى : { ينصركم } صفة جند { من دون الرحمن } أي : غيره يدفع عنكم عذابه ، أي : لا ناصر لكم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : جندٌ لكم ، أي : حزب ومنعة لكم ، ولفظ الجند يوحد ، ولذلك قال تعالى : { هذا الذي هو جند لكم } وهو استفهام إنكاري ، أي : لا جند لكم يدفع عنكم عذاب الله من دون الرحمن ، أي : من سوى الرحمن . وقرأ أبو عمرو بسكون الراء ، وللدوري اختلاس الضمة أيضاً ، والباقون بالرفع . { إن الكافرون } أي : ما الكافرون { إلا في غرور } أي : من الشيطان يغرّهم بأن لا عذاب ولا حساب .

قال بعض المفسرين : كان الكفار يمتنعون عن الإيمان ، ويعاندون النبي صلى الله عليه وسلم ، معتمدين على شيئين : أحدهما : قوتهم بمالهم وعددهم ، والثاني : اعتقادهم أن الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات ، وتدفع عنهم جميع الآفات ، فأبطل الله تعالى عليهم الأول بقوله تعالى : { أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم } الآية ، ورد عليهم الثاني بقوله تعالى : { أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور } .