فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (20)

{ أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن } الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، والالتفات عن الغيبة إلى الخطاب للتشديد في ذلك التبكيت ، والمعنى أنه لا جند لكم يمنعكم من عذاب الله ، والجند الحزب والمنعة ، وقرأ الجمهور " أمن " بتشديد الميم على إدغام ميم أم في ميم من ، وأم بمعنى بل ، ولا سبيل إلى تقدير الهمزة بعدها ، كما هو الغالب في تقدير أم المنقطعة ببل والهمزة ، لأن ما بعدها ههنا من الاستفهامية ، فأغنت عن ذلك التقدير ، ومن الاستفهامية مبتدأ واسم الإشارة خبره ، والموصول مع صلته صفة اسم الإشارة ، وينصركم صفة لجند ، ومن دون الرحمن ، في محل نصب على الحال من فاعل ينصركم ، والمعنى : بل من هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ، متجاوزا نصر الرحمن .

{ إن الكافرون إلا في غرور } متعرضة مقررة لما قبلها ، ناعية عليهم ما هم فيه من غاية الضلال ، والالتفات عن الخطاب إلى الغيبة ، للإيذان باقتضاء حالهم الإعراضَ عنهم ، والإظهار في موضع الإضمار ، لذمهم بالكفر ، وتعليل غرورهم به ، والمعنى : ما الكافرون إلا في غرور عظيم من جهة الشيطان يغرهم به .