تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (20)

الآية 20 وقوله تعالى : { أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان } فهذا صلة قوله : { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض } وقوله : { أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا } [ الآيتان : 16 و 17 ] يقول{[21724]} : { أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان } إذا خسف بكم الأرض ، وأرسل عليكم حاصبا من السماء .

وجائز أن يكون على التقديم والتأخير ، فيكون معناه : { أمن هذا الذي هو جند لكم } من دون الرحمن ينصركم من عذاب الله إن حل بكم ، أو يكون قوله : { أمّن هذا الذي هو جند لكم } يدفع عنكم العذاب من دون الله إذا حل بكم .

وجائز أن يكون أريد بالجند آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى ، فكانوا يعبدونها لتنصرهم ، ويعزوا بها ، كقوله{[21725]} تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا } [ مريم : 81 ] وقوله{[21726]} تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون } [ يس : 74 ] .

ثم هم قد علموا أنها لا تقوم بنصرهم ، ولا تدفع الذل عنهم ، فيعزوا بها ، لأنهم كانوا يفزعون إلى الله تعالى عندما تحل بهم الشدائد والذل ، كما قال الله تعالى : { وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه } [ الزمر : 8 ] ويتركون الفزع إلى آلهتهم لعلمهم أنها لا تعزهم ، ولا تنصرهم . فذّكرهم في حالة الأمن ، [ ما ]{[21727]} قد عرفوا وقوعه في حالة الخوف ، لينقلعوا عن عبادة الأصنام ، ويقبلوا على رب الأنام ، ليدفع /585- أ/ عنهم الشدائد والأهوال والآلام ، إذا حلت بهم من خاص أو عام ، ويقوم بعزهم إذا لحقهم الذل .

وقوله تعالى : { إن الكافرون إلا في غرور } أي اغتروا في عبادتهم آلهتهم لتقوم بنصرهم وعزهم ، مع ما علموا أنها لا تدفع عنهم شدة ، ولا تحصل لهم عزا .


[21724]:في الأصل و م: ثم قال.
[21725]:في الأصل و م: قال الله
[21726]:في الأصل و م: وقال
[21727]:من م، ساقطة في الأصل.