اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (20)

قوله : { أَمَّنْ هذا الذي } .

قرأ العامة : بتشديد الميم على إدغام ميم «أمْ » في ميم «مَنْ » و «أمْ » بمعنى «بَلْ » لأن بعدها اسم استفهام ، وهو مبتدأ ، خبره اسم الإشارة .

وقرأ طلحة{[57442]} : بتخفيف الأول وتثقيل الثاني .

قال أبو الفضل : معناه : أهذا الذي هو جند لكم ، أم الذي يرزقكم . و «يَنْصُركُمْ » صفة لجند .

فصل في لفظ جند

قال ابن عباس : «جُندٌ لَكُمْ » أي : حزب ومنعة لكم { يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ الرحمن }{[57443]} ، فيدفع عنكم ما أراد بكم إن عصيتموه . ولفظ الجند يوحد ، ولهذا قال : هذا الذي هو جند لكم ، وهو استفهام إنكاري ، أي لا جند لكم يدفع عذاب الله من دون الرحمن ، أي : من سوى الرحمن { إِنِ الكافرون إِلاَّ فِي غُرُورٍ } من الشيطان يغرهم بأن لا عذاب ، ولا حساب .

قال بعض المفسرين{[57444]} : كان الكفار يمتنعون عن الإيمان ، ويعاندون الرسول - عليه الصلاة والسلام - معتمدين على شيئين :

أحدهما : قوتهم بعددهم ومالهم .

والثاني : اعتقادهم أن الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات ، وتدفع عنهم جميع الآفات ، فأبطل الله عليهم الأول بقوله : { أَمَّنْ هذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ } الآية .


[57442]:ينظر: المحرر الوجيز 5/342، والبحر المحيط 8/297، والدر المصون 6/346.
[57443]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/372) والقرطبي (18/142).
[57444]:ينظر الفخر الرازي 30/36.