روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

{ إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ } استئناف مقرر لما قبله من الأمر بالإصلاح ، وإطلاق الأخوة على المؤمنين من باب التشبيه البليغ وشبهوا بالأخوة من حيث انتسابهم إلى أصل واحد وهو الإيمان الموجب للحياة الأبدية ، وجوز أن يكون هناك استعارة وتشبه المشاركة في الإيمانب المشاركة في أصل التوالد لأن كلاً منهما أصل للبقاء إذ التوالد منشأ الحياة والإيمان منشأ البقاء الأبدي في الجنان ، والفاء في قوله تعالى : { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } للإيذان بأن الأخوة الدينية موجبة للإصلاح ، ووضع الظاهر موضع الضمير مضافاً للمأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه ، وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الأولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه ، وقيل : المراد بالأخوين الأوس . والخزرج اللتان نزلت فيهما الآية سمي كلاً منهما أخاً لاجتماعهم في الجد الأعلى . وقرأ زيد بن ثابت . وابن مسعود . والحسن بخلاف عنه { إخوانكم } جمعاً على وزن غلمان .

وقرأ ابن سيرين { أخواتكم } جمعاً على وزن غلمة ، وروى عبد الوارث عن أبي عمرو القراآت الثلاث ، قال أبو الفتح : وقراءة الجمع تدل على أن قراءة الجمهور لفظها لفظ التثنية ومعناها الجماعة أي كل اثنين فصاعداً من المسلمين اقتتلا ، والإضافة لمعنى الجنس نحو لبيك وسعديك ، ويغلب الاخوان في الصداقة والأخوة في النسب وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر { واتقوا الله } في كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح ، والظاهر أن هذا عطف على { فَأَصْلِحُواْ } وقال الطيبي : هو تذييل للكلام كأنه قيل : هذا الإصلاح من جملة التقوى فإذا فعلتم التقوى دخل فيه هذا التواصل ، ويجوز أن يكون عطفاً على { فَأَصْلِحُواْ } أي واصلوا بين أخويكم بالصلح واحذروا الله تعالى من أن تتهاونوا فيه { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي لأجل أن ترحموا على تقواكم أو راجين أن ترحموا عليها .

ومن باب الإشارة : { إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } [ الحجرات : 10 ] إشارة إلى رعاية حق الأخوة الدينية ومنشأ نطفها صلب النبوة وحقيقتها نور الله تعالى فإصلاح ذات بينهم برفع حجب استار البشرية عن وجوه القلوب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب فيصيروا كنفس واحدة

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 10 ) }

إنما المؤمنون إخوة في الدين ، فأصلحوا بين أخويكم إذا اقتتلا وخافوا الله في جميع أموركم ؛ رجاء أن تُرحموا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

قوله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } في الدين والولاية ، { فأصلحوا بين أخويكم } إذا اختلفا واقتتلا ، قرأ يعقوب بين إخوتكم بالتاء على الجمع ، { واتقوا الله } فلا تعصوه ولا تخالفوا أمره ، { لعلكم ترحمون } .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو محمد الحسين بن أحمد المخلدي ، أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربةً فرج الله بها عنه كربةً من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة " . وفي هاتين الآيتين دليل على أن البغي لا يزيل اسم الإيمان ، لأن الله تعالى سماهم إخوة مؤمنين مع كونهم باغين ، يدل عليه ما روي عن الحارث الأعور أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سئل -وهو القدوة- في قتال أهل البغي ، عن أهل الجمل وصفين : أمشركون هم ؟ فقال : لا ، من الشرك فروا ، فقيل : أمنافقون هم ؟ فقال : لا ، إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً ، قيل : فما حالهم . قال : إخواننا بغوا علينا . والباغي في الشرع هو الخارج على الإمام العدل ، فإذا اجتمعت طائفة لهم قوة ومنعة فامتنعوا عن طاعة الإمام العدل بتأويل محتمل ، ونصبوا إماماً فالحكم فيهم أن يبعث الإمام إليهم ويدعوهم إلى طاعته ، فإن أظهروا مظلمة أزالها عنهم ، وإن لم يذكروا مظلمة ، وأصروا على بغيهم ، قاتلهم الإمام حتى يفيئوا إلى طاعته ، ثم الحكم في قتالهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ، ولا يذفف على جريحهم ، نادى منادي علي رضي الله عنه يوم الجمل ألا لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح ، وأتي علي رضي الله عنه يوم صفين بأسير فقال له : لا أقتلك صبراً إني أخاف الله رب العالمين . وما أتلفت إحدى الطائفتين على الأخرى في حال القتال من نفس أو مال فلا ضمان عليه . قال ابن شهاب : كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول ، وأتلف فيها أموال كثيرة ، ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم ، وجرى الحكم عليهم ، فما علمته اقتص من أحد ولا أغرم مالاً أتلفه . أما من لم يجتمع فيهم هذه الشرائط الثلاث بأن كانوا جماعة قليلين لا منعة لهم ، أو لم يكن لهم تأويل ، أو لم ينصبوا إماماً فلا يتعرض لهم إن لم ينصبوا قتالاً ولم يتعرضوا للمسلمين ، فإن فعلوا فهم كقطاع الطريق . روي أن علياً رضي الله عنه سمع رجلاً يقول في ناحية المسجد : لا حكم إلا لله ، فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدؤكم بقتال .