وجملة : { إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ } مستأنفة مقرّرة لما قبلها من الأمر بالإصلاح ، والمعنى : أنهم راجعون إلى أصل واحد وهو الإيمان . قال الزجاج : الدين يجمعهم ، فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب لأنهم لآدم وحواء { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } يعني : كل مسلمين تخاصما وتقاتلا ، وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوقهما بطريق الأولى . قرأ الجمهور : { بين أخويكم } على التثنية ، وقرأ زيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود والحسن وحماد بن سلمة وابن سيرين { إخوانكم } بالجمع ، وروي عن أبي عمرو ونصر بن عاصم وأبي العالية والجحدري ويعقوب أنهم قرءوا ( بين إخوتكم ) بالفوقية على الجمع أيضاً . قال أبو عليّ الفارسي في توجيه قراءة الجمهور : أراد بالأخوين : الطائفتين ؛ لأن لفظ التثنية قد يرد ويراد به الكثرة . وقال أبو عبيدة : أي أصلحوا بين كل أخوين { واتقوا الله } في كل أموركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } بسبب التقوى ، والترجي باعتبار المخاطبين : أي راجين أن ترحموا ، وفي هذه الآية دليل على قتال الفئة الباغية إذا تقرّر بغيها على الإمام ، أو على أحد من المسلمين ، وعلى فساد قول من قال بعدم الجواز مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم : «قتال المسلم كفر » ، فإن المراد بهذا الحديث وما ورد في معناه قتال المسلم الذي لم يبغ . قال ابن جرير : لو كان الواجب في كلّ اختلاف يكون بين فريقين من المسلمين الهرب منه ، ولزوم المنازل لما أقيم حقّ ، ولا أبطل باطل ولوجد أهل النفاق والفجور سبباً إلى استحلال كل ما حرّم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم بأن يتحزّبوا عليهم ، ولكفّ المسلمين أيديهم عنهم ، وذلك مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : «خذوا على أيدي سفهائكم » . قال ابن العربي : هذه الآية أصل في قتال المسلمين ، وعمدة في حرب المتأوّلين ، وعليها عوّل الصحابة ، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة ، وإياها عنى النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله : «تقتل عماراً الفئة الباغية » ، وقوله صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج : «يخرجون على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحقّ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.