تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

وقوله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } أي : الجميع إخوة في الدين ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " {[27092]} . وفي الصحيح : " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " {[27093]} . وفي الصحيح أيضا : " إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك : آمين ، ولك بمثله " {[27094]} . والأحاديث في هذا كثيرة ، وفي الصحيح : " مثل المؤمنين في تَوادِّهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسَّهَر " . وفي الصحيح أيضا : " المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه{[27095]} .

وقال أحمد : حدثنا أحمد بن الحجاج ، حدثنا عبد الله ، أخبرنا مصعب بن ثابت ، حدثني أبو حازم قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن لأهل الإيمان ، كما يألم الجسد لما في الرأس " {[27096]} . تفرد به ولا بأس بإسناده .

وقوله : { فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } يعني : الفئتين المقتتلتين ، { وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي : في جميع أموركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه .


[27092]:- (5) رواه البخاري في صحيحه برقم (2442) ومسلم في صحيحه برقم (2580) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
[27093]:- (6) صحيح مسلم برقم (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[27094]:- (7) صحيح مسلم برقم (2732) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
[27095]:- (8) صحيح البخاري برقم (6011) وصحيح مسلم برقم (2586) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
[27096]:- (9) المسند (5/340) وقال الهيثمي في المجمع (8/187): "رجال أحمد رجال الصحيح".