تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } أمر الله عز وجل بإصلاح ذات البين بين المؤمنين بقوله : { وأصلحوا ذات بينكم } وأمر بالإصلاح بين الطائفتين من المؤمنين إذا اقتتلوا /523-أ/ وتنازعوا بقوله عز وجل : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } وأمر بالإصلاح بين الآحاد والأفراد بقوله : { فأصلحوا بين أخويكم } لأن الإيمان يوجب التّآلف [ فإلى التآلف ]{[19665]} نُدبوا ، وإليه دُعوا ، وبه مَنّ الله علينا حين{[19666]} قال : { وألّف بين قلوبكم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم } [ الأنفال : 63 ] وقال في آية أخرى : { ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إن كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } [ آل عمران : 103 ] أمر بالتأليف والاجتماع ، ونهاهم عن التّفرق والاختلاف ، وأمر المؤمنين جملة أن يُصلحوا ذات بينهم إذا وقع بينهم تنازع واختلاف واقتتال على ما ذكر ، والله أعلم .

ثم من الناس من استدلّ بقوله تعالى : { فأصلحوا بين أخويكم } على أن اسم الطائفة تقع على الواحد فصاعدا ، فقال : إنه ذكر في أول الآية : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهم } وقال{[19667]} في آخرها : { فأصلحوا بين أخويكم } فدل أن اسم الطائفة يقع على الواحد فصاعدا ، فقال : فيُستدل بهذا على أن قوله عز وجل : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين } [ التوبة : 122 ] يراد بها الواحد ، فيدل على لزوم خبر الواحد العدل .

لكن عندما ما ذكر أنه أمر إصلاح ذات البين بين جملتهم ، وأمر بالإصلاح بين الفريقين ، وأمر بذلك بين الآحاد والأفراد . وليس في قوله : { فأصلِحوا بين أخويكم } دلالة أنه أراد به الأخوين ، أو ذكر { بين أخويكم } وأراد به الاثنين اللذين كان الاقتتال بينهما ، وفيهما هاج القتال بينهم .

فأما أن يكون اسم الطائفة يقع على الواحد فلا ، بل هو في اللغة وعُرف اللسان على الجماعة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { واتقوا الله لعلكم تُرحمون } أي اتقوا مخالفة أمر الله لكي تقع لكم الرحمة ، أو لكي تلزمكم الرحمة .


[19665]:في الأصل: بالتآلف، ساقطة من الأصل.
[19666]:في الأصل وم: حيث.
[19667]:الواو ساقطة من الأصل وم.