{ وَمَا مَنَعَ الناس } أي الذين حكيت أباطيلهم { أَن يُؤْمِنُواْ } مفعول منع وقوله تعالى : { إِذْ جَاءهُمُ الهدى } ظرف منع أو يؤمنوا أي ما منعهم وقت مجيء الوحي المقرون بالمعجزات المستدعية للايمان أن يؤمنوا بالقرآن وبنبوتك أو ما منعهم أن يؤمنوا وقت مجيء ما ذكر { إِلاَّ أَن قَالُواْ } فاعل منع أي إلا قولهم : { أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولاً } ؟ منكرين أن يكون رسول الله عليه الصلاة والسلام من جنس البشر وليس المراد أن هذا القول صدر عن بعض فمنع آخرين بل المانع هو الاعتقاد الشامل للكل المستتبع لهذا القول منهم .
وإنما عبر عنه بالقول إيذاناً بأنه مجرد قول يقولونه بأفواههم من غير أن يكون له مفهوم ومصداق ، وحصر المانع فيما ذكر مع أن لهم موانع شتى لما أنه معظمها أو لأنه هو المانع بحسب الحال أعني عند سماع الجواب بقوله تعالى : { هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً } [ الإسراء : 93 ] إذ هو الذي يتشبثون به حينئذ من غير أن يخطر ببالهم شبهة أخرى من شبههم الواهية ، وفيه على هذا إيذان بكمال عنادهم حيث يشير إلى أن الجواب المذكور مع كونه حاسماً لمواد شبههم مقتضياً للإيمان يعكسون الأمر ويجعلونه مانعاً قاله بعض المحققين ، وظاهر ذلك أن القول لا يقولون برسالة أحد من الرسل المشهورين كإبراهيم وموسى عليهما السلام أصلاً ، وصرح بعضهم بأنهم لم ينكروا إرسال غيره صلى الله عليه وسلم منهم وبأن قولهم هذا كان تعنتاً وهذا خلاف الظاهر هنا ، ولعل القوم كانوا في ريب وتردد لا يستقيمون على حال فتدبر .
والظاهر أن الآية أخبار منه عز مجده عن الأمر المانع إياهم عن الإيمان ، ويظهر من كلام ابن عطية أن هذا الكلام منه عليه الصلاة والسلام قاله على معنى التوبيخ والتلهف وحاشا من له أدنى ذوق من أن يذهب إلى ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.