فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرٗا رَّسُولٗا} (94)

حكى سبحانه عنهم شبهة أخرى قد تكرر في الكتاب العزيز التعرّض لإيرادها وردّها في غير موضع فقال : { وَمَا مَنَعَ الناس أَن يُؤْمِنُوا } المراد : الناس على العموم ، وقيل : المراد : أهل مكة على الخصوص أي : ما منعهم الإيمان بالقرآن وبنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وهو المفعول الثاني لمنع ، ومعنى { إِذْ جَاءهُمُ الهدى } : أنه جاءهم الوحي من الله سبحانه على رسوله ، وبيّن ذلك لهم وأرشدهم إليه ، وهو ظرف ل{ منع } أو { يؤمنوا } أي : ما منعهم وقت مجيء الهدى أن يؤمنوا بالقرآن والنبوّة { إِلاَّ أَن قَالُوا } أي : ما منعهم إلاّ قولهم ، فهو في محل رفع على أنه فاعل منع ، والهمزة في { أَبَعَثَ الله بَشَرًا رسُولاً } للإنكار منهم أن يكون الرسول بشراً ، والمعنى : أن هذا الاعتقاد الشامل لهم ، وهو إنكار أن يكون الرسول من جنس البشر ، هو الذي منعهم عن الإيمان بالكتاب وبالرسول ، وعبّر عنه بالقول للإشعار بأنه ليس إلاّ مجرد قول قالوه بأفواههم .

/خ100