{ كِلْتَا الجنتين أتَتْ أُكُلُهَا } ثمرها وبلغ مبلغاً صالحاً للأكل ، و { كِلْتَا } اسم مفرد اللفظ مثنى المعنى عند البصريين وهو المذهب المشهور ومثنى لفظاً ومعنى عند البغداديين وتاؤه منقلبة عن واو عند سيبويه فاصلة كلوى فالألف فيه للتأنيث . ويشكل على هذا إعرابه بالحروف بشرطه ، ويجاب بما أجيب به عن الإشكال في الأسماء الخمسة . وعند الجرمي الألف لام منقلبة عن أصلها والتاء زائدة للتأنيث . ويرد عليه أنه لا يعرف فعتل وأن التاء لا تقع حشواً ولا بعد ساكن صحيح ؛ وعلى المشهور يجوز في ضميره مراعاة لفظه ومراعاة معناه وقد روعي الأول هنا والثاني فيما بعد . وفي مصحف عبد الله { كلا الجنتين اتِى } بصيغة التذكير لأن تأنيث الجنتين مجازي ثم قرأ { اتَتْ } فأنث لأنه ضمير مؤنث ، ولا فرق بين حقيقية ومجازية فالتركيب نظير قولك : طلع الشمس وأشرقت وقال : إن عبد الله قرأ { كُلّ الجنتين أتى أَكَلَهُ } فذكر وأعاد الضمير على كل .
{ وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ } أي لم تنقص من أكلها { شَيْئاً } من النقص على خلاف ما يعهد في سائر البساتين فإن الثمار غالباً تكثر في عام وتقل في عام وكذا بعض الأشجار تأتي بالثمار في بعض الأعوام دون بعض ، وجوز أن يكون { تَظْلِمِ } متعدياً و { شَيْئاً } مفعوله والمآل واحد { وَفَجَّرْنَا خلالهما } أي فيما بين كلتا الجنتين { نَهَراً } ليدوم شربهما ويزيد بهاؤهما ، قال يحيى بن أبي عمرو الشيباني : وهذا النهر هو المسمى بنهر أبي فرطس وهو على ما قال ابن أبي حاتم نهر مشهور في الرملة ، وقيل المعنى فجرنا فيما بين كل من الجنتين نهراً على حدة فيكون هناك نهران على هذا ولا يخفي أنه خلاف الظاهر ، وتشديد فجر قيل للمبالغة في سعة التفجير ، وقال الفراء : لأن النهر ممتد فكأنه أنهار .
وقرأ الأعمش . وسلام . ويعقوب . وعيسى بن عمر { *فجرنا } بالتخفيف على الأصل ، وأقر أبو السمال . والعياض ابن غزوان . وطلحة بن سليمان { خلالهما نَهَراً } بسكون الهاء وهو لغة جارية فيه وفي نظائره ، ولعل تأخير ذكر التفجير عن ذكر الإيتاء مع أن الترتيب الخارجي على العكس للإيذان باستقلال كل من إيتاء الأكل وتفجير النهر في تكميل محاسن الجنتين كما في قصة البقرة ونحوها ولو عكس لانفهم أن المجموع خصلة واحدة بعضها مترتب على بعض فإن إيتاء الأكل متفرع على السقي عادة ، وفيه إيماء إلى أن إيتاء الأكل لا يتوقف على السقي كقوله تعالى : { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىء } [ النور : 35 ] قاله شيخ الإسلام
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ وَفَجَّرْنَا خلالهما نَهَراً } [ الكهف : 33 ] من القوى البشرية والحواس
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.