السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَمَّا ٱعۡتَزَلَهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۖ وَكُلّٗا جَعَلۡنَا نَبِيّٗا} (49)

وحقق ما عزم عليه فبين سبحانه وتعالى تحقيق رجائه وإجابة دعائه فقال : { فلما اعتزلهم } أي : بالهجرة إلى الأرض المقدّسة { وما يعبدون من دون الله } لم يضرّه ذلك ديناً ولا دنيا بل نفعه وعوّضه الله أولاداً كما قال تعالى { وهبنا له } كما هو الشأن في كل من ترك شيئاً لله { إسحاق } ولداً له لصلبه من زوجته العاقر العقيم بعد تجاوزها سنّ اليأس وأخذه هو في السنّ إلى حد لا يولد لمثله { ويعقوب } ولداً لإسحاق وخصهما بالذكر للزومهما محل إقامته وقيامهما بعد موته بخلافته فيه وأمّا إسماعيل عليه السلام فكان الله سبحانه وتعالى هو المتولي لتربيته بعد نقله رضيعاً إلى المسجد الحرام وإحيائه تلك المشاعر العظام فأفرده بالذكر جاعلاً له أصلاً برأسه بقوله بعد { واذكر في الكتاب إسماعيل } فترك ذكره مع إسحاق الذي هو أخوه لذلك ثم صرح بما وهب لأولاده جزاءً على هجرته بقوله تعالى : { وكلاً } أي : منهما { جعلنا نبياً } عالي المقدار ويخبر بالأخبار العظيمة كما جعلنا إبراهيم نبياً .