اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (14)

قوله{[38408]} : «وَجَحَدُوا بِهَا » أي : أنكروا الآيات ، ولم يقروا أنها من عند الله{[38409]} .

قوله : «وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ » يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على الجملة قبلها ، ويجوز أن تكون حالاً من فاعل «جَحدُوا »{[38410]} ، وهو أبلغ في الذم ، واستفعل هنا بمعنى «تَفَعَّلَ » ، نحو : استعظم واستكبر ، والمعنى : أنهم علموا أنها من عند الله ، وفائدة ذكر الأنفس أنهم جحدوا بألسنتهم{[38411]} واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم ، والاستيقان أبلغ من الإيقان{[38412]} .

قوله : «ظُلْماً وَعُلُواً » يجوز أن يكونا في موضع الحال ، أي : ظالمين عالين ، وأن يكونا مفعولاً من أجلهما{[38413]} ، أي : الحامل على ذلك الظلم والعلو .

وقرأ عبد الله وابن وثاب والأعمش وطلحة : «وَعِليّاً » بكسر العين واللام وقلب الواو ياء{[38414]} ، وتقدم تحقيقه في «عِتِيّاً » في مريم{[38415]} ، وروي عن الأعمش وابن وثاب ضم العين كما في «عِتيّاً »{[38416]} .

وقرئ : «وَغُلُوّاً » بالغين المعجمة{[38417]} ، وهو قريب من هذا المعنى ، وأي ظلم أفحش من ظلم من استيقن أنها آيات بينة من عند الله ثم كابر بتسميتها سحراً بيناً{[38418]} ؟ .

والعلو : الترفع عن{[38419]} الإيمان ، والشرك وعدم الإيمان بما جاء به موسى{[38420]} ، كقوله : { فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } [ المؤمنون : 46 ] .

{ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين } . قوله : { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ } «كَيْفَ » خبر مقدم ، و «عَاقِبَةُ » اسمها{[38421]} ، والجملة في محل نصب على إسقاط الخافض لأنها معلقة ل «انْظُرْ » بمعنى تَفَكَّرْ .


[38408]:قوله: سقط من ب.
[38409]:انظر البغوي 6/263.
[38410]:قال الزمخشري: (الواو في "واستيقنتها" واو الحال وقد بعدها مضمرة) الكشاف 3/135.
[38411]:في ب: بأنفسهم.
[38412]:انظر الكشاف 3/135، الفخر الرازي 24/184.
[38413]:انظر التبيان 2/1006.
[38414]:المختصر (108)، البحر المحيط 7/58.
[38415]:من الآية (8) ومن الآية (69).
[38416]:المختصر (108)، البحر المحيط 7/58.
[38417]:انظر التبيان 2/1006.
[38418]:انظر الكشاف 3/135، الفخر الرازي 24/184.
[38419]:في ب: على.
[38420]:انظر الفخر الرازي 24/184.
[38421]:انظر التبيان 2/1006.