فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (14)

{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } أي قد كذبوا بها ولم يقروا حال كون أنفسهم مستيقنة لها أنها من عند الله فالواو للحال ، يقال : جحد حقه وبحقه بمعنى ، والاستيقان أبلغ من الإيقان .

{ ظلما } أي للآيات كقوله تعالى : بما كانوا بآياتنا يظلمون ، ولقد ظلموا بها أي ظلم حيث حطوها عن رتبتها العالية ، وسموها سحرا .

{ وعلوا } استكبارا عن الإيمان بها كقوله تعالى : والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها ؛ وانتصابهما إما على العلة أي الحامل لهم على ذلك الظلم والعلو ، أو على الحالية من فاعل جحدوا ، أي : جحدوا بها ظالمين لها مستكبرين عنها ويجوز أن يكونا نعت محذوف ، أي جحدوا بها جحودا ظلما وعلوا .

قال أبو عبيدة : والباء في { وجحدوا بها } زائدة . وقال الزجاج : التقدير جحدوا بها ظلما وعلوا أي و تكبروا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى ، وهم يعلمون أنها من عند الله .

{ فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } أي تفكر يا محمد في ذلك فإن فيه معتبرا للمعتبرين ، وقد كان عاقبة أمرهم الإغراق لهم هنا في البحر ، على تلك الصفة الهائلة ، والإحراق ثمة ، وإنما لم يذكر تنبيها على أنه عرضة لكل ناظر مشهور فيما بين كل باد وحاضر .