روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (52)

{ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ } حملة مقررة لما قبلها . وقوله تعالى : { خَاوِيَةٍ } أي خالية أو ساقطة متهدمة أعاليها على أسافلها كما روي عن ابن عباس { بِمَا ظَلَمُواْ } أي بسبب ظلمهم المذكور حال من «بيوتهم » والعامل فيها معنى الإشارة . وقرأ عيسى بن عمر { خَاوِيَةٍ } بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هي خاوية أو خبر بعد خبر لتلك أو خبر لها و { بُيُوتَهُمْ } بدل وبيوتهم هذه هي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم لأصحابه عام تبوك " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين " الحديث . وهي بوادي القرى بين المدينة والشام { إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي فيما ذكر من التدمير العجيب بظلمهم { لآيَةً } لعبرة عظيمة { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي ما من شأنه أن يعلم من الأشياء أو لقوم يتصفون بالعلم ، وقيل : لقوم يعلمون هذه القصة وليس بشيء ، وفي هذه الآية على ما قيل دلالة على الظلم يكون سبباً لخراب الدور .

وروي عن ابن عباس أنه قال أجد في كتاب الله تعالى أن الظلم يخرب البيوت وتلا هذه الآية ، وفي التوراة ابن آدم لا تظلم يخرب بيتك ، قيل وهو إشارة إلى هلاك الظالم إذ خراب بيته متعقب هلاكه ، ولا يخفى أن كون الظلم بمعنى الجور والتعدي على عباد الله تعالى سبباً لخراب البيوت مما شوهد كثيراً في هذه الأعصار ، وكونه بمعنى الكفر كذلك ليس كذلك . نعم لا يبعد أن يكون على الكفرة يوم تخرب فيه بيوتهم إن شاء الله تعالى .