{ فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة مَكْرِهِمْ } شروع في بيان ما ترتب على ما باشروه من المكر ، والظاهر أن { كَيْفَ } خبر مقدم لكان و { عاقبة } الاسم أي كان عاقبة مكرهم واقعة على وجه عجيب يعتبر به ، والجملة في محل نصب على أنها مفعول انظر وهي معلقة لمكان الاستفهام ، والمراد تفكر في ذلك .
وقوله تعالى : { أَنَّا دمرناهم } في تأويل مصدر وقع بدلاً من { عاقبة مَكْرِهِمْ } أو خبر مبتدأ محذوف هو ضمير العاقبة ، والجملة مبينة لما في عاقبة مكرهم من الإبهام أي هو أو هي تدميرنا وإهلاكنا إياهم { وَقَوْمَهُمْ } الذين لم يكونوا منهم في مباشرة التبييت { أَجْمَعِينَ } بحيث لم يشذ منهم شاذ أو هو على تقدير الجار أي لتدميرنا إياهم أو بتدميرنا إياهم ويكون ذلك تعليلاً لما ينبئ عنه الأمر بالنظر في كيفية عاقبة أمرهم من الهول والفظاعة . وجوز بعضهم كونه بدلاً من { كَيْفَ } ، وقال آخرون : لا يجوز ذلك لأن البدل عن الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه كقولك كيف زيد أصحيح أم مريض ؟
وجوز أن يكون هو الخبر لكان وتكون { كَيْفَ } حينئذ حالا والعامل فيها كان أو ما يدل عليه السلام من معنى الفعل ، ويجوز أن تكون كان تامة و { كَيْفَ } عليه حال لا غير والاحتمالات الجائزة في { أَنَّا دمرناهم } لا تخفى .
وقرأ الأكثر { أَنَاْ } بكسر الهمزة . فكيف خبر كان و { عاقبة } اسمها جملة { أَنَّا دمرناهم } استئناف لتفسير العاقبة ، وجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف . قال الخفاجي : الظاهر أنه الشأن أو ضميره لا شيء آخر مما يحتاج للعائد ليعترض عليه بعدم العائد . ولا يرد عليه أن ضمير الشأن المرفوع منع كثير من النحويين حذفه فإنه غير مسلم ، ويجوز أن تكون { كَانَ } تامة و { كَيْفَ } حال كما تقدم ولم يجوز الجمهور كونها ناقصة والخبر جملة { إِذَا دمرناهم } لعدم الرابط ، وقيل : يجوز ويكفي للربط وجود ما يرجع إلى متعلق المبتدأ إذ رجوعه إليه نفسه غير لازم وهو تكلف وإنما يتمشى على مذهب الأخفش القائل إذا قام بعض الجملة مقام مضاف إلى العائد اكتفى به . وغيره من النحاة يأباه ، وجوز أبو حيان على كلتا القراءتين أن تكون «كان » زائدة و { عاقبة } مبتدأ و { كَيْفَ } خبر مقدم له .
/ وقرأ أبي «أن دمرناهم » بأن التي من شأنها أن تنصب المضارع ويجري في المصدر الاحتمالات السابقة فيه على قراءة { أَنَاْ } بفتح الهمزة . هذا وفي كيفية التدمير خلاف . فروي أنه كان لصالح عليه السلام مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه فقالوا زعم صالح أنه يفرغ منا بعد ثلاث فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث فخرجوا إلى الشعب وقالوا إذا جاء يصلي قتلناه ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم فبعث الله تعالى صخرة من الهضب حيالهم فبادروا فطبقت عليهم فم الشعل فلم يدر قومهم أين هم ولم يدروا ما فعل بقومهم وعذب الله تعالى كلا منهم في مكانه ونجى صالحاً ومن معه ، وقيل : جاؤوا بالليل شاهري سيوفهم ، وقد أرسل الله تعالى ملائكة ملء دار صالح عليه السلام فرموهم بالحجارة يرونها ولا يرون رامياً وهلك سائر القوم بالصيحة وقيل : إنهم عزموا على تبييته عليه السلام وأهله فاخبر الله تعالى بذلك صالحاً فخرج عنهم ثم أهلكهم بالصيحة وكان ذلك يوم الأحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.