روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً } الخ بيان لعناد قريش بالباطل والرد عليهم ، فقد روي أن عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعه يقول : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] أليست النصارى يعبدون المسيح وأنت تقول كان نبياً وعبداً من عباد الله تعالى صالحاً فإن كان في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه ففرح قريش وضحكوا وارتفعت أصواتهم وذلك قوله تعالى : { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } فالمعنى ولما ضرب ابن الزبعري عيسى بن مريم مثلاً وحاجك بعبادة النصارى إياه إذا قومك من ذلك ولأجله يرتفع لهم جلبة وضجيج فرحاً وجدلاً ، والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة قيل لها مثل أو المثل بمعنى المثال أي جعله مقياساً وشاهداً على إبطال قوله عليه الصلاة والسلام : إن آلهتهم من حصب جهنم ، وجعل عيسى عليه السلام نفسه مثلاً من باب «الحج عرفة » .

وقرأ أبو جعفر . والأعرج . والنخعي . وأبو رجاء . وابن وثاب . وابن عامر . ونافع . والكسائي { يَصِدُّونَ } بضم الصاد من الصدود ، وروي ذلك عن علي كرم الله تعالى وجهه ، وأنكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذه القراءة وهو قبل بلوغه تواترها ، والمعنى عليها إذا قومك من أجل ذلك يعرضون عن الحق بالجدل بحجة داحضة واهية ، وقيل : المراد يثبتون على ما كانوا عليه من الإعراض .

وقال الكسائي . والفراء : يصدون بالكسر ويصدون بالضم لغتان بمعنى واحد مثل { يعرشون } و { يعرشون } [ الأعراف : 137 ] ومعناهما يضجون ، وجوز أن يكون يعرضون .