روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (6)

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ } أي في إبراهيم عليه السلام ومن معه { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } الكلام فيه نحو ما تقدم ، وقوله تعالى :

{ لّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الاخر } أي ثوابه تعالى أو لقاءه سبحانه ونعيم الآخرة أو أيام الله تعالى واليوم الآخر خصوصاً ، والرجاء يحتمل الأمل والخوف صلة لحسنة أو صفة ، وجوز كونه بدلاً من { لَكُمْ } بناءاً على ما ذهب إليه الأخفش من جواز أن يبدل الظاهر من ضمير المخاطب وكذا من ضمير المتكلم بدل الكل كما يجوز أن يبدل من ضمير الغائب ، وأن يبدل من الكل بدل البعض . وبدل الاشتمال . وبدل الغلط .

ونقل جواز ذلك الإبدال عن سيبويه أيضاً ، والجمهور على منعه وتخصيص الجواز ببدل البعض . والاشتمال . والغليط .

/ وذكر بعض الأجلة أنه لا خلاف في جواز أن يبدل من ضمير المخاطب بدل الكل فيما يفيد إحاطة كما في قوله تعالى : { تَكُونُ لَنَا عِيداً لأِوَّلِنَا وَءاخِرِنَا } [ المائدة : 114 ] وجعل ما هنا من ذلك وفيه خفاء ، وجملة { لَقَدْ كَانَ } الخ قيل : تكرير لما تقدم من المبالغة في الحث على الائتساء بإبراهيم عليه السلام ومن معه ، ولذلك صدرت بالقسم وهو على ما قال الخفاجي : إن لم ينظر لقوله تعالى : { إِذْ قَالُواْ } [ الممتحنة : 4 ] فإنه قيد مخصص فإن نظر له كان ذلك تعميماً بعد تخصيص ، وهو مأخوذ من كلام الطيبي في تحقيق أمر هذا التكرير .

والظاهر أن هذا مقيد بنحو ما تقدم كأنه قيل : لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة إذ قالوا الخ ، وفي قوله سبحانه : { لّمَن كَانَ } الخ إشارة إلى أن من كان يرجو الله تعالى واليوم الآخر لا يترك الاقتداء بهم وإن تركه من مخايل عدم رجاء الله سبحانه واليوم الآخر الذي هو من شأن الكفرة بل مما يؤذن بالكفر كما ينبئ عن ذلك قوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ الله هُوَ الغني الحميد } فإنه مما يوعد بأمثاله الكفرة .