اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (6)

قوله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ } أي : في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء «أسْوةٌ حَسَنةٌ » أي : في التَّبرِّي من الكُفَّار .

وقيل : كرر للتأكيد .

وقيل : نزل الثاني بعد الأول بمدة .

قال القرطبي{[56224]} : وما أكثر المكررات في القرآن على هذا الوجه .

قوله : { لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله } .

بدل من الضمير في «لكُمْ » بدل بعض من كل ، وقد تقدَّم مثله في «الأحزاب »{[56225]} .

والضمير في «فيهم » عائد على «إبراهيم » ومن معه ، وكررت «الأسوة » تأكيداً{[56226]} .

وفيه بيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ، ويخاف عذاب الآخرة{[56227]} ، { وَمَن يَتَوَلَّ } أي : يعرض عن الإيمان ويتول الكُفَّار ، { فَإِنَّ الله هُوَ الغني } عن خلقه ، أي : لم يتعبدهم لحاجته إليهم { الحميد } إلى أوليائه وأهل طاعته .

وقيل : الحميد في نفسه وصفاته{[56228]} .


[56224]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/39.
[56225]:آية رقم (21).
[56226]:ينظر: الدر المصون 6/305.
[56227]:ينظر: الرازي 29/262.
[56228]:ينظر: القرطبي 18/39.