روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ} (3)

{ ذلك } إشارة إلى ما تقدم من القول الناعي عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالاً . أو إلى ما ذكر من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالإيمان الفاجرة . أو الإيمان الصوري ، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مراراً من الاشعار في مثل هذا المقام ببعد منزلته في الشر ، وجوز ابن عطية كونه إشارة إلى سوء ما عملوا ، فالمعنى ساء عملهم { بِأَنَّهُمْ } أي بسبب أنهم { ءامَنُواْ } أي نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل في الإسلام { ثُمَّ كَفَرُواْ } ظهر كفرهم وتبين بما اطلع عليه من قولهم : إن كان ما يقوله محمد حقاً فنحن حمير ، وقولهم في غزوة تبوك : أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى . وقيصر هيهات ، وغير ذلك ، و { ثُمَّ } على ظاهرها ، أو لاستبعاد ما بين الحالين أو ثم أسروا الكفر فثم للاستبعاد لا غير ، أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاءاً بالإسلام ، وقيل : الآية في أهل الردة منهم .

{ فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ } حتى يموتوا على الكفر { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } حقيقة الإيمان أصلاً .

وقرأ زيد بن علي { فَطُبِعَ } بالبناء للفاعل وهو ضميره تعالى ، وجوز أن يكون ضميراً يعود على المصدر المفهوم مما قبل أي فطبع هو أي تلعابهم بالدين ، وفي رواية أنه قرأ فطبع الله مصرحاً بالاسم الجليل ، وكذا قرأ الأعمش .