ولما كانت المعاصي تعمي القلوب فكيف بأعظمها علله بقوله تعالى : { ذلك } أي : سوء عملهم { بأنهم آمنوا ثم كفروا } .
فإن قيل : إنّ المنافقين لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم ، فما معنى قوله تعالى : { آمنوا ثم كفروا } ؟ أجيب : بثلاثة أوجه :
أحدها : آمنوا ، أي : نطقوا بكلمة الشهادة ، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام ، ثم كفروا أي : ثم ظهر كفرهم بعد ذلك ، وتبين بما اطلع عليه من قولهم إن كان ما يقول محمد حقاً ، فنحن حمير ، وقولهم في غزوة تبوك : أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات ، ونحوه قوله : { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم } [ التوبة : 74 ] أي : وظهر كفرهم بعد أن أسلموا ، ونحوه { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [ التوبة : 66 ] .
والثاني : آمنوا أي : نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام بقوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا } [ البقرة : 14 ] إلى قوله { إنما نحن مستهزؤن } [ البقرة : 14 ] وهذا إعلام من الله تعالى بأنّ المنافقين كفار .
الثالث : أن يراد أنّ ذلك في قوم آمنوا ثم ارتدّوا { فطبع } أي : فحصل الطبع وهو الختم مع أنه معلوم أنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه { على قلوبهم } أي : لأجل اجترائهم على ما هو أكبر الكبائر على وجه النفاق { فهم } أي : فتسبب عن ذلك أنهم { لا يفقهون } أي : لا يقع لهم فقه في شيء من الأشياء ، فهم لا يميزون صواباً من خطأ ، ولا حقاً من باطل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.