اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ} (3)

قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُوا } .

هذا إعلامٌ من الله بأن المنافقين كفار ، إذْ أقروا باللسان ثم كفروا بالقلب .

وقيل : نزلت الآية في قوم آمنوا ثم ارتدوا { فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ } أي ختم عليها بالكفر { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } الإيمان ولا الخير{[56735]} .

وقرأ العامَّةُ : «فَطُبِعَ » مبنياً للمفعول ، والقائم مقام الفاعل الجار بعده .

وزيد بن علي{[56736]} : «فَطَبَعَ » مبنياً للفاعل .

وفي الفاعل وجهان{[56737]} :

أحدهما : أنه ضمير عائد على الله تعالى ، ويدل عليه قراءة الأعمشِ ، وقراءته في رواية عنه : «فَطَبَعَ اللَّهُ » مُصرحاً بالجلالة الكريمة .

وكذلك نقله القرطبي{[56738]} عن زيد بن علي .

فإن قيل : إذا كان الطَّبْع بفعل الله - تعالى - كان ذلك حجة لهم على الله تعالى فيقولون : إعراضنا عن الحق لغفلتنا بسبب أنه - تعالى - طبع على قلوبنا ؟ .

فأجاب ابن الخطيب{[56739]} : بأن هذا الطبع من الله - تعالى - لسوء أفعالهم ، وقصدهم الإعراض عن الحق فكأنه تعالى تركهم في أنفسهم الجاهلة وغوايتهم الباطلة .

والثاني : أن الفاعل ضميرٌ يعودُ على المصدر المفهوم مما قبله ، أي : فطبع هو أي بلعبهم بالدين .


[56735]:ينظر: القرطبي 18/81.
[56736]:ينظر: الكشاف 4/539، والبحر المحيط 8/268، والدر المصون 6/320.
[56737]:ينظر: الدر المصون 6/320.
[56738]:وكذلك صرح به الزمخشري في الكشاف 4/539.
[56739]:ينظر: الفخر الرازي 30/14.